المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١٥

التقي المغمور سعيد بن عامر

التقي المغمور سعيد بن عامر إنه سعيد بن عامر -رضي  الله  عنه-، أحد كبار الصحابة، أسلم قبل فتح خيبر، ولازم رسول  الله  ( في جميع غزواته، وكان تقيًّا ورعًا زاهدًا، فذات يوم أخذ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي  الله  عنه- يبحث عن صحابي يوليه على الشام، وكانت الشام في ذلك الحين بلدًا كبيرًا، ومركزًا هامًا للتجارة، ودار إغراء لكثرة ثرواتها، ولا يصح لها في نظر عمر إلا زاهد تفر أمام زهده كل شياطين الإغراء. وبعد قليل صاح عمر قائلاً: ائتوني بسعيد بن عامر، فجاء سعيد إلى أمير المؤمنين، فعرض عليه ولاية حمص، فاعتذر سعيد قائلاً: لا تفتني يا أمير المؤمنين، ولكن عمر أصر على رأيه وقال: والله لا أدعك، أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي، ثم تتركونني. فوافق سعيد سمعًا وطاعة لأمير المؤمنين، وخرج إلى حمص ومعه زوجته، وكانا عروسين جديدين، وزوده عمر بقدر من المال. ولما وصلا إلى حمص أرادت زوجته أن تستفيد من المال الذي أعطاه عمر لهما، فأشارت على زوجها سعيد أن يشتري لها ما يلزمها من الثياب والمتاع، ثم يدخر الباقي، فقال لها سعيد: ألا أدلك على خير من هذا؟ نحن في بلاد تجارتها رابحة، و...

سيد فتيان الجنة أبو سفيان بن الحارث

سيد فتيان الجنة أبو سفيان بن الحارث إنه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب -رضي  الله  عنه-، أحد فضلاء الصحابة، وابن عم النبي (، وأخوه في الرضاعة إذ أرضعتهما حليمة السعدية، قال فيه النبي (: (أبو سفيان بن الحارث سيد شباب أهل الجنة، أو سيد فتيان أهل الجنة) [ابن عبدالبر وابن سعد]. وكان أبو سفيان قبل إسلامه يعادي النبي ( ويهجوه بشعره، ولا يتخلف عن موضع تسير فيه قريش لقتاله. وعندما عاد أبو سفيان بن الحارث من بدر، ناداه أبو لهب: يابن أخي، هلم إلينا، حدثنا كيف كان أمر الناس؟ فقال أبو سفيان: والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا، وأيم  الله  مع ذلك ما لمتُ الناس، لقينا رجالاً بيضًا على خيل بُلق بين السماء والأرض، والله ما تليق شيئًا، ولا يقوم لها شيء ولا يقف أمامها شيء. وفي الوقت الذي توجه فيه النبي ( إلى مكة عام الفتح، كان  الله  قد ألقى الإسلام في قلب أبي سفيان بن الحارث، فخرج هو وابنه جعفر، وعبد  الله  بن أبي أمية، ولقوا النبي ( فأعرض عنهم، فقالت أم سلمة، لا يكن ابن عمك وأخو ابن عمتك أشقى الناس بك. ...

المؤمن المنيب أبو موسى الأشعري

المؤمن المنيب أبو موسى الأشعري إنه الصحابي الجليل عبدالله بن قيس بن سليم، المعروف بأبي موسى الأشعري، وقد رزقه  الله  صوتًا عَذْبًا فكان من أحسنِ  الصحابة  صوتًا في قراءة القرآن، قال عنه الرسول (: (لقد أُعْطِىَ أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود) [النسائي]. وقد مَرَّ به النبي ( ومعه السيدة عائشة، فوجداه يقرأ القرآن في بيته، فاستمعا لقراءته، فلما أصبح أخبره النبي ( بذلك، فقال أبو موسى: لو أعلم بمكانك لحبَّرْتُه لك تحبيرًا (أي جودته وحسنته). وكان عمر بن الخطاب -رضي  الله  عنه- كلما رأى أبا موسى دعاه؛ ليتلو عليه من كتاب الله، وقال له: شوِّقْنَا إلى ربنا يا أبا موسى. وقد جاء أبو موسى إلى مكة قبل ظهور الإسلام، واشتهر بين أهل مكة بالتجارة وحسن المعاملة، ولما ظهر الإسلام، ودعا رسول  الله  ( إليه، أسرع أبو موسى ليعلن إسلامه، ويشهد أن لا إله إلا  الله  وأن محمدًا رسول الله، ثم طلب من النبي ( أن يرجع إلى قومه بني أشعر ليدعوهم إلى الله، وينشر بينهم الإسلام، ويعلمهم أمور الدين الحنيف، فأذن له رسول  الله  (. فذهب أبو موسى إلى قومه، وأخذ...

أول فرسان الإسلام المقداد بن عمرو

أول فرسان الإسلام المقداد بن عمرو إنه الصحابي الجليل المقداد بن عمرو -رضي  الله  عنه-، وهو من المبكرين بالإسلام، حيث ذكر ضمن السبعة الأوائل الذين اعتنقوا الإسلام. وكان المقداد قد جاء إلى مكة، فأخذه الأسود بن عبد يغوث وتبناه، فصار يدعى المقداد بن الأسود، فلما نزلت آية تحريم التبني نُسب لأبيه عمرو بن سعد. وتزوج المقداد ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي (، مع أنه مولى وهى قرشية هاشمية شريفة؛ وذلك لأن الإسلام لا يفرق بين عبد أو سيد ولا بين شريف ووضيع، فالكل في نظر الإسلام سواء، لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أسود ولا أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح. وهاجر المقداد إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وحضر بدرًا، وشهد المعارك كلها، وكان أول من قاتل على فرس في سبيل الله، وقيل إنه الوحيد الذي قاتل على فرس يوم بدر، أما بقية المجاهدين فكانوا مشاة أو راكبين إبلاً. وعُرف المقداد بالشجاعة والفروسية والحكمة، وكانت أمنيته أن يموت شهيدًا في سبيل الله، ويبقى الإسلام عزيزًا قويًّا، فقال -رضي  الله  عنه-: لأموتن والإسلام عزيز. وروى أنه لما وقف النبي ( يشاور أصحابه قبيل غزوة بدر الك...

فادي النبي قتادة بن النعمان

فادي النبي قتادة بن النعمان إنه الصحابي الجليل قتادة بن النعمان -رضي  الله  عنه-، أحد الأنصار الذين شهدوا بيعة العقبة، وعاهدوا الرسول ( على أن ينصروه ويمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم، ووفوا له بعهدهم، فرضوان  الله  عليهم  أجمعين. جاهد قتادة مع الرسول ( جهادًا عظيمًا، وعندما اشتد القتال يوم أحد، ولاحت في سماء المعركة هزيمة المسلمين؛ انتهز المشركون هذه الفرصة ليتخلصوا من رسول  الله  (، خاصة بعد أن انفضّ عنه أكثر أصحابه، ولم يبق معه إلا قليل، وكان قتادة -رضي  الله  عنه- واحدًا من أولئك القليل، وكان الرسول ( قد دفع إليه قوسًا، فأخذها وظل يرمي بها بين يدي رسول  الله  ( حتى لم تعد صالحة للرمي؛ فوجد قتادة -رضي  الله  عنه- نفسه، وليس معه ما يدافع به عن نبيه (، وهو أحب الناس إليه، فوضع جسده أمام رسول  الله  ( ليتلقى عنه السهام المصوبة نحوه. فأصاب سهم وجهه فسالت منه عين قتادة -رضي  الله  عنه- على خده، ورأى  الصحابة  أن عين قتادة بن النعمان قد أصيبت، فسالت حدقته على وجنته، ورأى  ا...

قاهر قيصر عبد الله بن حذافة

قاهر قيصر عبد  الله  بن حذافة إنه عبد  الله  بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي -رضي  الله  عنه-، أحد السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وأرسله النبي ( برسالة إلى كسرى. وذات يوم سمعه النبي ( وهو يرفع صوته بقراءة القرآن، فقال له: (يابن حذافة، لا تُسَمِّعْنِي وَسَمِّعِ الله) [ابن سعد]. وكان عبد  الله  رجلا يحب المرح، فقد بعثه النبي ( في سرية، وجعل  عليهم  علقمة بن مجزر، فاستأذنت طائفة منهم في الطريق، فأذن لهم علقمة، وأمَّر  عليهم  عبد  الله  بن حذافة، وبينما هم في الطريق، أوقد القوم نارًا ليتدفئوا، ويصنعوا عليها طعامًا، فقال لهم عبد الله: أليس لي عليكم السمع والطاعة؟ قالوا: بلى، قال فإني أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار، فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واقعون فيها، قال: أمسكوا إنما كنت أضحك معكم، فلما قدموا على النبي ( ذكروا ذلك له، فقال: (من أمركم بمعصية فلا تطيعوه) [أحمد وابن ماجه وابن خزيمة]. وفي خلافة عمر، خرج عبد  الله  مع جيش المسلمين المتجه إلى الشام لقتال الروم، فأسر...

العالم العامل عبد الله بن عمرو

العالم العامل عبد  الله  بن عمرو إنه عبد  الله  بن عمرو بن العاص -رضي  الله  عنه-، أمه رائطة بنت الحجاج بن منبه السهمية. كان اسمه قبل إسلامه العاص، فلما أسلم سماه النبي ( عبد الله. [ابن عساكر]. وكان النبي ( يقول: (نعم أهل البيت أبو عبد  الله  وأم عبد  الله  وعبد الله) [أحمد]. أسلم عبد  الله  قبل أبيه، وكان شديد الحب لله ورسوله (، وكان يكثر من العبادة، وقراءة القرآن، وكتابة أحاديث الرسول (، وكان يحافظ على حضور مجالس الرسول ( واستماع حديثه وتدوينه، حتى أنه سأل الرسول ( يومًا: يا رسول الله، أأكتب كل ما أسمع منك؟ فقال (: (نعم). فقال عبد الله: في الرضا والغضب؟ فقال (: (نعم، فإني لا أقول إلا حقًا) [أبو داود]. وعلم النبي ( أنه يصوم كل يوم ولا يفطر، فقال له: (كيف تصوم؟). قال: أصوم كل يوم. فقال (: (وكيف تختم؟) قال: كل ليلة، فقال (: (صم في كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر)، فقال عبد الله: أطيق أكثر من ذلك؟ فقال (: (صم ثلاثة أيام في الجمعة)، فقال عبد الله: أطيق أكثر من ذلك، قال: (أفطر يومين، وصم يومًا)، قال عبد الله: أطيق أكثر من...

قاتل السبعة عبد الرحمن بن أبي بكر

قاتل السبعة عبد الرحمن بن أبي بكر إنه عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة -رضي  الله  عنه-، يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا محمد، وأمه أم رومان بنت الحارث، وهو شقيق أم المؤمنين عائشة -رضي  الله  عنها-. كان أشجع رجال قريش، وأرماهم بسهم، وقف ضد المسلمين في بدر، وكان أحد الرماة الذين جندتهم قريش يوم أحد، تأخر إسلامه حتى هدنة الحديبية (الفترة التي توقف فيها القتال)، رغم أن أباه كان أول الناس إيمانًا بالله ورسوله. كان على رأس رماة قريش في غزوة أحد، وقبل أن يلتحم الجيشان، وقف عبد الرحمن متحديًا يدعو من يبارزه من المسلمين، ونهض أبوه أبو بكر الصديق -رضي  الله  عنه- ليبارزه، لكن رسول  الله  ( أمسك به ومنعه من مبارزة ولده. وظل عبد الرحمن يحارب دين  الله  حتى شرح  الله  صدره للإيمان، فاندفع إلى الرسول ( معلنًا إسلامه، فتألق وجه أبي بكر، وفرح حينما رأى ابنه يبايع رسول  الله  (، وانطلق عبد الرحمن بعد إسلامه يدافع عن رسول  الله  ( ليعوض ما فاته، وبعد وفاة الرسول ( ظل يجاهد في سبيل  الله  مع الخلفاء الراشدين، لا...

الهارب من الفتن محمد بن مسلمة

الهارب من الفتن محمد بن مسلمة إنه أبو عبد  الله  محمد بن مسلمة الأنصاري، أحد فضلاء الصحابة، شهد بدرًا وما بعدها من الغزوات، ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة، وكان أسمر شديد السمرة، طويلاً، أصلع الرأس، ضخم الجسم، استخلفه النبي ( على المدينة في بعض غزواته، وأمَّره على نحو (51) سرية، وكان يرسله ليأتي بالصدقات من الإمارات الإسلامية. وآخى الرسول ( بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، وأسلم على يد مصعب بن عمير حينما كان في المدينة، وكان أحد الذين قتلوا كعب بن الأشرف الشاعر اليهودي الذي كان يؤذي النبي (. وظل يجاهد في سبيل  الله  بعد وفاة النبي ( مع أبي بكر وعمر، وعثمان -رضي  الله  عنهم-. وكان عمر -رضي  الله  عنه- يعتمد عليه في الأمور الصعبة، فقد بعثه إلى سعد بن أبي وقاص -رضي  الله  عنه- حين بنى لنفسه قصرًا بالكوفة، واحتجب عن الرعية، وأمره أن يحرق باب القصر، فذهب إلى هناك، وفعل ما أمره به أمير المؤمنين. وكان -رضي  الله  عنه- شجاعًا في الحق، فقد روى أنه لما تولى عمر بن الخطاب الخلافة سأل قائلاً: كيف تراني يا فلان؟ فقال له: أراك والله كم...

التائب الصادق كعب بن مالك

التائب الصادق كعب بن مالك إنه الصحابي الجليل كعب بن مالك -رضي  الله  عنه-، صاحب التوبة الصادقة، وكان كعب قد أسلم حين سمع بالإسلام، فأتى مكة، وبايع النبي ( في بيعة العقبة الثانية، فلما هاجر الرسول ( وأصحابه آخى النبي بينه وبين طلحة بن عبيد الله. وكان كعب شاعرًا مجيدًا، وخاصة في مجال المغازي والحروب الإسلامية، وكان واحدًا من شعراء الرسول ( الثلاثة الذين يردون عنه الأذى بقصائدهم، وهم: كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وعبد  الله  بن رواحة، فكان كعب يخوفهم بالحرب، وكان حسان يهجوهم بالأنساب، وكان عبد  الله  يعيرهم بالكفر. وقد جاء كعب إلى النبي ( فقال: يا رسول الله، ماذا ترى في الشعر؟ فقال رسول  الله  (: (المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه) [ابن عبد البر]. وكان لكعب مواقف مشهودة في غزوة أحد، حين دعاه النبي ( وألبسه ملابسه التي يلبسها في الحرب، ولبس النبي ( ملابس كعب الحربية، يقول كعب: لما انكشفنا يوم أحد كنت أول من عرف رسول  الله  ( وبشرت به المؤمنين حيًّا سويًّا، وأنا في الشِّعْب، وقد جرح سبعة عشر جرحًا. [ابن هشام]، وكان المشركون يوجهون إليه السهام ظن...

الشهيد ذو الابتسامة أبو حذيفة بن عتبة

الشهيد ذو الابتسامة أبو حذيفة بن عتبة إنه الصحابي الجليل أبو حذيفة بن عتبة -رضي  الله  عنه-، ابن عتبة بن ربيعة شيخ قريش، وأخته هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، كان من السابقين إلى الإسلام، فقد أسلم قبل دخول المسلمين دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهاجر مع امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك ابنه محمد بن أبي حذيفة، ثم قدم على الرسول ( في مكة، فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد والغزوات كلها مع النبي (. وفي غزوة بدر، كان أبو حذيفة يقاتل في صفوف المسلمين، بينما أبوه عتبة وأخوه الوليد وعمه شيبة يقفون في صفوف المشركين، فطلب أبو حذيفة من أبيه الكافر عتبة بن شيبة أن يبارزه، فقالت أخته: هند بنت عتبة شعرًا، جعلته يصرف النظر عن مبارزة أبيه، وبعد انتهاء غزوة بدر، أمر النبي ( بسحب القتلى المشركين؛ لتطرح جثثهم في البئر، ثم وقف على حافة البئر، وخاطب المشركين، وقال: (يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا فإني قد وجدت ما وعدني ربى حقًّا؟) فقالوا: يا رسول الله، تكلم قومًا موتي؟ قال: (والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون الجواب). ورأى...

معلم الخير عبادة بن الصامت

معلم الخير عبادة بن الصامت إنه الصحابي الجليل أبو الوليد عبادة بن الصامت -رضي  الله  عنه-، أحد أفراد وفد الأنصار الذين جاءوا إلى مكة ليبايعوا رسول  الله  ( بيعة العقبة الأولى، وكان أحد الاثني عشر نقيبًا الذين اتخذهم الرسول ( نقباء على أهليهم وعشائرهم. وواحد من أولئك الذين قال فيهم رسول  الله  (: (لو أن الأنصار سلكوا واديًا أو شعبًا، لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار) [البخاري]. وقد شهد بدرًا وأحدًا والخندق والغزوات كلها مع رسول  الله  (، ولم يتخلف عن مشهد، وهو أحد الذين ساهموا في جمع القرآن زمن النبي (. وقد كان ولاؤه لله ورسوله عظيمًا، حيث يُروى أن قومه كانوا مرتبطين بعهد مع يهود بني قينقاع بالمدينة قبل مجيء النبي ( إليها، ولما هاجر الرسول ( وأصحابه واستقروا بها، وتجمعت قبائل اليهود عقب غزوة بدر، وافتعلت إحدى قبائلهم وهم بنو قينقاع أسبابًا للفتنة والصدام مع المسلمين، فلما رأى عبادة موقفهم هذا نبذ إليهم عهدهم قائلا: إنما أتولى  الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ إلى  الله  ورسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم. ...

سفير الصدق حبيب بن زيد

سفير الصدق حبيب بن زيد إنه حبيب بن زيد -رضي  الله  عنه- أحد  الصحابة  الفضلاء، وأحد الرجال السبعين الذين بايعوا النبي ( في بيعة العقبة الثانية، وكان أبوه وأمه ممن شاركوا في هذه البيعة أيضًا، وقد لازم رسول  الله  ( بعد الهجرة، وشهد معه الغزوات كلها، ولم يتخلف عن غزوة واحدة. ولما ادعى مسيلمة الكذاب النبوة، وزاد إضلاله وفساده، رأى الرسول ( أن يبعث إليه رسالة ينهاه فيها عن حماقته، ووقع اختيار النبي ( على حبيب بن زيد بن عاصم ليكون سفيره إلى مسيلمة الكذاب. وأخذ حبيب الرسالة وسافر إلى مسيلمة متمنيًا أن يكون سببًا في هدايته وعودته إلى رشده، ووصل حبيب إلى مسيلمة وأعطاه رسالة الرسول (، ولكن مسيلمة أصر على ضلاله وغروره، وأمر شرذمة من قومه أن يعذبوه أمام حشد كبير من بني حنيفة. وظن مسيلمة أن كل هذا التعذيب سيجعل حبيبًا يؤمن به، وبذلك يحقق معجزة أمام قومه الذين دعاهم لحضور هذا المشهد، وتوجه مسيلمة بالحديث إلى حبيب قائلا: أَتَشْهَدُ أن محمدًا رسول الله؟ قال حبيب: نعم أشهد أن محمدًا رسول الله. فأصاب الخزى مسيلمة، وعاد يسأل حبيبًا في غضب: وتشهد أني رسول الله؟ فقال حبيب...

الشهيد القارئ سعد بن عبيد

الشهيد القارئ سعد بن عبيد إنه أبو عمير سعد بن عبيد بن النعمان الأنصاري الأوسي -رضي  الله  عنه-، أسلم قبل الهجرة، وعمل على نشر الإسلام بالمدينة، فأسلم معه جماعة من الأنصار، ولما هاجر النبي ( ورأى ما صنعه سعد، جعله إمامًا لمسجد قباء الذي بناه رسول  الله  (، ولقبه بالقارئ، ولم يلقب بهذا اللقب غيره، ثم جاء أبو بكر فأقرّه على إمامة المسجد، وكذلك فعل عمر بن الخطاب. وكان سعد أحد الأنصار الأربعة الذين جمعوا القرآن الكريم على عهد رسول (، ولم ينصرف سعد إلى العلم والتفقه في الدين فقط، بل وهب روحه ونفسه في سبيل الله، واشترك في الجهاد ضد المشركين في بدر وأحد، وفي كل المشاهد مع رسول  الله  (. وخرج -رضي  الله  عنه- مع جيش أسامة وتحت إمرته لقتال الروم، كما أذن له الصديق -رضي  الله  عنه- في الخروج إلى العراق للجهاد في سبيل الله، وحمله أمانة تعليم المسلمين والقضاء فيما بينهم، فخرج سعد القارئ -رضي  الله  عنه- خلف قائده أبي عبيد بن مسعود الثقفي -رضي  الله  عنه- يبارز بالسيف، ويعلم بالقلم. ثم خرج في جيش المسلمين تحت إمرة سعد بن أبي و...

الجعد الأبيض عمرو بن الجموح

الجعد الأبيض عمرو بن الجموح إنه عمرو بن الجموح -رضي  الله  عنه- أحد زعماء المدينة، وسيد سادات بني سلمة، وشريف من أشرافهم، وآخر الأنصار إسلامًا، كان زوجًا لهند بنت عمرو أخت عبد  الله  بن عمرو بن حرام، وقد سبقه ابنه معاذ إلى الإسلام. وكان عمرو بن الجموح قد اتخذ لنفسه صنمًا من الخشب في داره سماه منافًا، فحزن معاذ، وأخذ ينصحه بالدخول في الإسلام، لكنه ظل مصرًّا على عبادة ذلك الصنم الذي لا ينفع ولا يضر. وذات يوم، فكر معاذ ومعه بعض الفتيان من بني سلمة في حيلة يُعَرِّفُ بها أباه أن ما يعبده إنما هو صنم لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًّا، بل لا يمكنه الدفاع عن نفسه. فدخلوا ليلا، وأخذوا الصنم من مكانه، ووضعوه في حفرة منكسًا على رأسه، فلما أصبح عمرو بن الجموح لم يجد منافًا، فكاد أن يجن، وغضب غضبًا شديدًا، وخرج يبحث عنه فإذا به ملقى في حفرة على رأسه. فثار وأخذ يصيح: ويلكم مَنْ عدا على آلهتنا هذه الليلة؟ ثم رفعه من الحفرة، وغسّله، وطيَّبه، ووضعه في مكانه بالدار، وهو يقول: أما والله لو أعلم مَنْ فعل هذا بك لأخزينه. ولما جاء الليل، ونام عمرو، ذهب الفتيان إلى الصنم، وفعلوا...

الذي أطعمه الله وسقاه أبو أمامة الباهلي

الذي أطعمه  الله  وسقاه أبو أمامة الباهلي إنه أبو أمامة الباهلي صدى بن عجلان -رضي  الله  عنه-، وعندما أسلم، وبعثه رسول  الله  ( إلى قومه باهلة يدعوهم إلى  الله  عز وجل، ويعرض  عليهم  شرائع الإسلام، فلما جاءهم قالوا له: سمعنا أنك صبوت (أسلمت) إلى هذا الرجل الذي يدعى محمدًا، فقال أبو أمامة لهم: لا ولكن آمنت بالله ورسوله، وقد أرسلني رسول  الله  إليكم أدعوكم إلى عبادة  الله  الواحد الأحد، وأعرض عليكم الإسلام، ثم أخذ أبو أمامة يحدثهم عن الإسلام ويدعوهم إليه، ولكنهم أصروا على الشرك وعبادة الأوثان. فلما أطال الحديث معهم، ويئس منهم، قال لهم: ويحكم، ايتوني بشربة ماء، فإني شديد العطش وكان عليه عمامة، فقالوا له: لا، ولكن ندعك تموت عطشًا، فحزن أبو أمامة وضرب رأسه في عمامته ونام، وكان الحر شديدًا، فأتاه آت في منامه حسن المنظر بإناء فيه شراب، لم ير الناس أجمل منه لونًا وطعمًا، فأخذه منه، وشرب حتى ارتوى. فلما شبع من الشراب، استيقظ من نومه، فلما رآه القوم قد استيقظ قال رجل منهم: يا قوم أتاكم رجل من سراة القوم فلم تتحفوه (أي تعط...

أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون

أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون إنه عثمان بن مظعون -رضي  الله  عنه- عُرِف بحسن الخلق ورجاحة العقل، وُلِدَ بمكة المكرمة، وأبوه مظعون بن حبيب بن وهب، وأمه سخيلة بنت العنبس، وكان يكنى أبا السائب. أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وكان عمره آنذاك ثلاثين عامًا، وعاش في حماية الوليد بن المغيرة، ثم رأى ما يحدث للمسلمين من اضطهاد وتعذيب، بينما هو يمشى آمنًا ولا يتعرض له أحد من المشركين بسوء، فوقف مع نفسه قائلاً: والله إن غدوّي ورواحي آمنًا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من الأذى والبلاء ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي، ثم ذهب إلى الوليد وردَّ عليه حمايته، وقال له: يا أبا عبد شمس، قد وفت ذمتك، فرددت إليك جوارك، فقال له الوليد: ولِمَ يا بن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ فقال: لا، ولكني أرضي بجوار  الله  -عز وجل- ولا أريد أن أستجير بغيره. فقال له الوليد: إذن فهيا أردد عليَّ جواري علانية أمام أهل مكة كما أمنتك علانية، فانطلقا حتى وصلا إلى المسجد الحرام، ووقف الوليد، ونادى على الناس بصوت عال، فرد عليه عثمان جواره وقال: قد وجدته وفيًّا كريمًا، حافظًا للجوار، ولكنى أحببت...